1-الاتساق
القرآني: سؤال النشأة والتطور
الاتساق
ميزة جمالية تضمن للخطاب تعادل الأجزاء وتوازيها وروعة التأليف وبراعة النظم وتفضي
به إلى الاستحسان من لدن المتلقي ، كما
أنها تكلأه بالمقابل من أن تمجه الأذن وتغشي منه النفس وينفرمنه الطبع .وقد أدرك
الشعراء والنقاد مند القدم القيم الجمالية
للتناسق الفني والمعنوي ،خاصة وأن الشعر العربي هو شعر تواز بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، نظرا لتأسيس بعض على بعض
،فعابو على بعض من قد أخلو بها اخلالهم ، وأبرزوا مواطن النقص في قولهم ، بل طعنوا
أحيانا في شاعريتهم . أما فيما يخص الدرس القرآني ،فقد تفطن كثير من الصحابة ومنذ
المراحل الأولى من حياة الدعوة ،الى بعض أشكال التناسق في القران الكريم بوازع من
استفسار بعض المسلمين عن السر في وجود هذه الآية بجوار هذه ، وعن طبيعة النظم
والتناسق المعنوي بين أية وأخرى في سياق السورة الواحدة .ومع اتساع دائرة الفتوحات الإسلامية وتنامي سيادة الأمة مرق بعض
الطاعنين في سلامة النظم القراني فنعتوه بتنابد الأوصال وتناجز الأجزاء وتباين الوحدات
الدلالية ، وأدعو انه ليس سوى أضغات قد حشرت حشرا ، الأمر الذي حفز العلماء
المسلمين وحظهم ، ومنذ وقت مبكر من تاريخ
البحث القراني ، على الدرس والتقصي
للرد أولي الزيغ والمرية . غير ان
فكرة الاتساق في القران لم تبرز بشكل ناضج ومتخصص إلا في بداية القرن الهجري
الرابع مع الإمام أبي بكر النيسابوري (ــ
324هــ ) الذي يعد أول من عكف على البحث في هذه القضية على نحو من التخصص .